الترجمة في الإجراءات الجزائية
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الترجمة في الإجراءات الجزائية
المبحث الأول : ماهية الترجمة وشروطها .
المطلب الأول : ويتناول ماهية الترجمة .
المطلب الثاني : ويتناول شروط المترجم ورده.
الفرع الأول : شروط المترجم.
الفرع الثاني : رد المترجم .
المطلب الثالث : ويتناول مدى ضرورة ندب المترجم.
المبحث الثاني : الصفة الإجرائية لعمل المترجم .
المطلب الاول : : الترجمة نوع من الشهادة .
المطلب الثاني الترجمة نوع من الخبرة .
االمطلب الثالث الترجمة وسيلة مستقلة .
المبحث الأول
: ماهية الترجمة وشروطها
ويتناول توضيح ماهية الترجمة في المطلب الأول , ثم الشروط الواجب توافرها في الترجمة ورد المترجم في المطلب الثاني , ومدى ضرورة ندب المترجم في المطلب الثالث .
المطلب الأول : ماهية الترجمة :
نظم قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني أحكام الترجمة في المواد (227/228/229) حيث تنص المادة 227 /1 " إذا كان المتهم أو الشهود أو احدهم لا يحسنون التكلم باللغة العربية عين رئيس المحكمة ترجمانا لا يقل عمرة عن الثامنة عشرة وحلفه اليمين بأن يترجم فيما بينهم وبين المحكمة بصدق وأمانة " وتنصص هذه المادة في فقرتها الثانية على 2" إذا لم تراع أحكام هذه المادة تكون المعاملة باطلة " .
مادة 228 " يسوغ للمتهم وممثل النيابة أن يطلب رد الترجمان المعين على أن يبديا الأسباب الموجبة لذلك وتفصل المحكمة في الأمر".
مادة 229 "لا يسوغ انتخاب الترجمان من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى ولو رضي المتهم وممثل النيابة وإلا كانت المعاملة باطلة ".
الأصل أن تتم جميع إجراءات الدعوى بلغة الدولة الرسمية وهذا ما يتفق مع إقليمية قواعد الإجراءات القانونية وسيادتها , وتتضمن معظم التشريعات قاعدة تشير إلى ذلك , ولكن من المتفق عليه أن القاضي أو المحقق يجوز له الاستعانة بمترجم إذا تبين أن المتهم أو احد الشهود يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة وبالتالي يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية وهي اللغة
العربية , كما أن القاضي أو المحقق له هذا الحق أيضا إذا قدم مستند في الدعوى محرر بلغة أجنبية . وقد نصت المادة 19 من قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972 على أن " لغة الدولة هي اللغة العربية وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين ".
ومن هذه النصوص يتبين لنا الأهمية البالغة التي تحتلها الترجمة إذا كان الشاهد أو المدعى عليه يتكلم بلغة أجنبية لا يعرفها القاضي أو المحقق, وبالتالي يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية مما يستوجب على المحكمة الاستعانة بترجمان لكي يشرح لها باللغة الرسمية حقيقة ما يدلي به هذا الشاهد أو المدعى عليه من أقوال . وكذلك لكي يساعده على فهم الاتهامات والأسئلة والملاحظات التي توجه إليه باللغة الرسمية المعترف بها في الدولة وينقل عنه إجاباته .
وفي الاستجواب على المحقق أن يثبت كل هذه الإجراءات في صدر محضره قبل أن يباشر التحقيق ثم يقوم بتوجيه السؤال إلى المترجم الذي يقوم بدوره بتوصيله إلى المتهم , و يتلقى المترجم إجابة السؤال من المتهم ويقوم بتوصيله إلى المحقق , وكل سؤال وإجابته يتعين أن يثبت باللغة العربية في محضر التحقيق .
ومما سبق يمكننا التوصل إلى تعريف الترجمة بأنها : التعبير من معنى كلام في لغة معينة بما بطابقها من كلام في لغة أخرى , مع الأخذ بالاعتبار الوفاء بجميع المعاني والمقاصد , لذلك يجب أن يكون المترجم مجيدا للغة المتهم أو الشاهد وكذلك اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية .
المطلب الثاني: شروط المترجم ورده وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني :
الفرع الأول: شروط الترجمان
يشترط المشرع الأردني في المترجم , أن لا يقل عمره عن الثامنة عشرة , وكذلك يشترط أن يحلف اليمين قبل أن يباشر عمله ؛ بأن يترجم بصدق و أمانة , كما يشترط أن لا يكون المترجم من الشهود أو أعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى , وقد نص المشرع الأردني على هذه الشروط في المواد 227 و229 من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
أولا : أن لا يقل عمر المترجم عن الثامنة عشرة :
وقد نص المشرع الأردني على هذا الشرط في المادة 227|1 , بمعنى أن المشرع الأردني يشترط في المترجم بلوغ سن الرشد , وفقا لأحكام المادة 43|2 من القانون المدني الأردني والتي نصت على "وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة ". فإذا بلغ الشخص ثماني عشرة سنة متمتعا بقواه العقلية عد مكتملا لأهليته , وقد سار على نهج المشرع الأردني ؛ المشرع اللبناني حيث اشترط ذات الشرط في نص المادة 316 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي نصت على إذا كان المتهم أو الشهود أو احدهم لا يحسنون التكلم بلغة الآخرين فيعين رئيس المحكمة ترجمانا لا يقل عمرة عن ثمانية عشرة , ويحلفه اليمين بأن يترجم فيما بينهم بصدق وأمانة أقوال بعضهم بعضا ".
وقد اشترطت بعض القوانين أن يكون المترجم قد بلغ من العمر واحد وعشرون عاما , ومن ذلك القانون الفرنسي , وقد سار على نهجه المشرع المصري فاشترط أن يكون المترجم كامل الأهلية لا يقل عمره عن إحدى وعشرون سنة , ومن يبلغ سن الثامنة عشرة وفقا للقانون المصري يعد في مرحلة الصبي المميز وبالتالي لا يقبل أن يكون مترجما .
ثانيا :حلف اليمين :
اليمين نداء روحي صادر عن الضمير وتعهد على قول الحق أمام من يقدسه المترجم , فالمترجم عندما يحلف اليمين يتخذ الله - سبحانه وتعالى - رقيبا على صدق ترجمته ويعرض نفسه لغضبه وانتقامه إن كذب فيها , فحلف اليمين يذكر المترجم بالإله القائم على كل نفس ويحذره من سخطه عليه إن هو قرر غير الحق .
ونظرا لوجود وسيط بين المحقق أو القاضي وبين المتهم أو الشاهد فيه خطورة تعرض الاستجواب أو الشهادة للخطأ , وما قد ينجم عنه من إضرار لحقوق الدفاع مما لا يتفق مع مصلحة العدالة , فانه لتلافي تلك النتائج ولضمان صحة الإجراءات يلزم تحليف المترجم اليمين القانونية على أن يقوم بواجبه بالأمانة والصدق, ولا يشترط لهذا القسم صيغة محددة فيكفي أن تدل ألفاظه على هذا المعنى . وذلك إذا لم يكن قد سبق له تأديته عند تعيينه , كما انه إذا كان قد حلف اليمين عند انتدابه في بدأ التحقيق , فتستمر له صفته ولا يكون في حاجة إلى إعادته حتى يتم التصرف في الدعوى .
وينبغي أن تكون اليمين قبل البدء بالترجمة لا بعدها , وإلا كان العمل باطلا ؛لان حلف اليمين قبل الترجمة ينبه ضمير المترجم ويدفعه إلى أدائها بصدق وأمانة , بخلاف ما لو ترجم اولا بلا يمين فانه يتهاون في أدائها ,ثم إذا طلب منه اليمين على أنها صادقة فقد لا يجرؤ على التراجع والاعتراف بعدم صحتها , فيضطر إلى تأيدها باليمين .
وهذا الشرط مفروض تحت طائلة البطلان ,فلا يغطي المعاملة الباطلة رضوخ المدعى عليه أو موافقة النيابة العامة .
ثالثا:أن لا يكون المترجم من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى :
تنص المادة 229 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على انه :" لا يسوغ انتخاب الترجمان من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى ولو رضي المتهم وممثل النيابة وإلا كانت المعاملة باطلة ". كما نصت على ذلك المادة 318 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني .
فيجب أن لا يكون المترجم من بين الشهود في الدعوى وذلك حتى يكون بعيدا عن كل شبهه , كما أن القاضي لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة حتى يتفرغ لعمله , ولان القاضي لا يجوز أن يكون له رأي مسبق في القضية التي ينظرها , كا يفترض ان لا يكون المترجم من بين الخصوم في الدعوى ؛ وذلك لضمان حياد المترجم فلا يكون له فيما يترجمه أي مصلحة شخصية قد تدفعه إلى تضليل العدالة .
كما أن هذا الشرط مفروض تحت طائلة الإبطال حتى ولو رضي المتهم أو النيابة العامة بهذا الإجراء.
الفرع الثاني: رد الترجمان
تنص المادة 228 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على انه:" يسوغ للمتهم وممثل النيابة أن يطلب رد الترجمان المعين على أن يبديا الأسباب الموجبة لذلك وتفصل المحكمة في الأمر". ويقصد برد المترجم منعه من مباشرة أعمال الترجمة التي كلف بها كلما قام سبب يدعو إلى الشك في صحة ترجمته .
وذلك ضمانا من المشرع لحياد المترجم , ورفعا له عن مواطن الشك و فأباح للمتهم أو ممثل النيابة طلب استبعاده ورده عن ما كلف به من أعمال الترجمة ؛ متى توافرت في حقه إحدى الحالات التي تجعل هناك احتمال قيام شك في صدق عمله ونزاهته , الأمر الذي حدا بالمشرع على اختلاف البلدان لإقرار مثل هذا النظام .
وذلك حتى لا يضلل المترجم العدالة تحت ستار الترجمة التي اختير لأدائها , فمتى ما تحقق القاضي من وجود الأسباب التي دفعت المتهم أو النيابة إلى تقديم طلب الرد , فانه يقرر رد المترجم عن إجراء الترجمة واستبداله بمترجم آخر.
المطلب الثالث: مدى ضرورة ندب المترجم
يتجه الرأي في فرنسا إلى أن تعيين المترجم في مرحلة التحقيق الابتدائي ليس ملزما لقاضي التحقيق , ويترك له تقدير مدى الحاجة إليه , ويعارض البعض هذا الاتجاه , حيث بالإضافة الى
كونه يضعف الثقة الواجب توافرها في التحقيق الابتدائي فانه لا يتفق مع مبادئ العدالة , لا سيما إذا كان المتهم لم يدرك حقيقة الاتهامات القائمة ضده أو حقوقه وامتيازاته المقررة قانونا .
أما أثناء التحقيق النهائي في مرحلة المحاكمة , فان الرأي مستقر على وجوب انتداب المترجم إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي هذا الندب , ولا يكون هناك سلطة تقديرية لرئيس الجلسة فيما يتعلق بذلك .
لذلك استقر ت أحكام القضاء الفرنسي على أن حضور المترجم يكون واجبا فقط بالنسبة للاستجواب والموجهة , فالقاضي لا يكون ملزما بانتدابه لمساعدة المتهم عند اتخاذ الإجراءات الأخرى معه , أو حتى أثناء حديثه مع محاميه .
ولعل المشرع الأردني استغنى عن النص على الترجمة في مرحلة التحقيق الابتدائي , استلهاما منه بتطبيق هذه النصوص من قبل المحقق في هذه المرحلة لعدم الاختلاف في الإجراء بين مباشرته في مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة وإمكانية جر الأحكام الضابطة لهذه الإجراءات الخاصة بمرحلة المحاكمة إلى تلك المرحلة .
ومن ناحية أخرى فان الأهمية البالغة التي تحتلها الترجمة تؤكد ضرورة تعيين مترجم في جميع مراحل الدعوى إذا وجد أي شك في مقدرة المتهم أو الشاهد على فهم اللغة الرسمية للمحكمة .وكذلك حتى نفوت على المتهم فرصة الاحتجاج فيما بعد بالنسبة لأقواله السابقة ؛ استنادا إلى انه لم يدرك جيدا المقصود من الأسئلة الموجهة إليه أو انه لم يقصد المعنى الذي تضمنته إجابته , فيتمكن عن طريق ذلك من إيجاد ثغرات يكون لها تأثير كبير في الاقتناع .
المبحث الثاني :
الصفة الإجرائية لعمل المترجم
لم يتناول قانون أصول المحاكمات الجزائية بيان الصفة الإجرائية للمترجم وإزاء ذلك ثار خلاف فقهي مصدره التساؤل حول ما إذا كان المترجم يعد شاهدا على ما يقرره المتهم أو الشاهد بلغته , أم انه يعد خبير في مدلول تلك اللغة , أم أن عمل الترجمان له طبيعة خاصة مستقلة به .
وسوف نتناول ذلك على النحو الأتي :
الرأي الأول : الترجمة نوع من الشهادة :
يرى بعض الفقهاء أن الترجمة تعد شهادة على ما يقرره الشاهد أو المدعى عليه بلغته , لان الترجمان ينقل عبارات من لغة مجهولة إلى لغة أخرى معلومة , مما لا يتطلب أبحاث فنية أو علمية و كما أنها تتمثل في أعمال روتينية لا تحتاج إلى استنتاج أو تكييف أو أي تقرير شخصي , فهي وسيلة إثبات مثل الشهادة حيث يشهد الترجمان بمحتويات المستند أو ما تتضمنه الإقرارات
وبذلك فهو يضيف عنصرا جديدا في الدعوى , كما أن الخبرة تتناول إيضاح مسائل موجودة من قبل ويحتاج الأمر فيها إلى بحث وتحليل حتى يمكن للخبير أن يدلي برأيه أو تقديره الشخصي .
فالمترجم وفقا لهذا الرأي ؛ شاهد من ناحية إدراكه للعبارات الأجنبية التي يتطلب إليه أن يترجمها , فكما قد يسيء الشاهد أحيانا التقاط حقيقة الأمور التي يدعى لأداء الشهادة عنها , يسيء
المترجم كذلك في بعض الأحيان التقاط مضمون الألفاظ التي يدعى لترجمتها من اللغة الأجنبية إلى اللغة الوطنية .
الرأي الثاني: الترجمة نوع من الخبرة :
يرى اغلب الفقهاء أن الترجمة هي نوع من الخبرة , فالمترجم ليس إلا مساعدا للقاضي أو المحقق تتوافر لديه كفاءة هي معرفة اللغة المطلوب ترجمتها لنقل مضمون الأقوال أو الكتابة المقدمة إلى اللغة العربية , ولا بد في هذه الحالة من تدخل عنصر التقدير الشخصي , فالاصطلاح الواحد قد يكون له معان عدة , كذلك فان عمل المترجم يتم وفقا لعملية ذهنية من شأنها فهم مدلول تلك الإقرارات أو العبارات المكتوبة ثم نقلها من لغة إلى أخرى .
ولا يوجد اختلاف بين هذا الفرض وما عليه الحال بالنسبة للخبرة والتي فحواها الاستعانة بشخص أو أشخاص لهم كفاءة علمية لا تتوفر لدى القاضي مثل ( خبراء الأسلحة , والأطباء , وخبراء الخطوط والبصمات ) , ففي كلتا الحالتين يوجد نقص في معرفة القاضي ولا يهم ما إذا كان ذلك مصدره عدم إلمامه بلغة معينة أو بعلم معين أو فن معين .
كما انه لا يوجد اختلاف بين الطبيعة القانونية في الخبرة والترجمة فكل منهما وسيلة لمساعدة القاضي في إدراك أمر معين يتطلب معرفة خاصة , ويتضح هذا بصفة خاصة من خلال الأحكام التي أوردها المشرع الأردني بالنسبة للترجمة فهي لا تختلف في شيء عما ورد بشأن تنظيم الخبرة أمام القضاء , ويبدو ذلك فيما يتعلق بالإجراءات الشكلية التي اوجب المشرع مراعاتها في
الحالتين مثل أمر الندب وأداء اليمين وجواز الرد , وسلطة القاضي في التوجيه وحقه في الاستبدال وأخيرا في الجزاءات والمكافأة .
الأمر الذي يقطع بأن الترجمة بعيدة كل البعد عن الشهادة وأنها عمل فني له طبيعة مماثلة لإعمال الخبرة تكمل نقص معرفة القاضي أو المحقق اللغوية . وهذا الرأي هو السائد حاليا والراجح وهو ما ينادي به الفقه ويأخذ به المشرع الفرنسي .
الرأي الثالث : الترجمة وسيلة مستقلة :
يرى بعض الفقهاء أن الترجمة وسيلة مستقلة عن الشهادة والخبرة , فالترجمة ليست نوع من الشهادة ؛ لان الشهادة وسيلة من وسائل الإثبات الجزائي , فالشهادة في الأصل هي تقرير
الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه و أما الترجمان فهو شخص استدعي لكي يترجم لغة غير مفهومة إلى لغة أخرى مفهومة ومن ثم فهو لا يضيف عنصرا جديدا في الدعوى , وإنما عليه أن يظهر معنى لفظ غريب على سامعه أو قارئه .
كذلك فالترجمة ليست نوع من الخبرة لان الخبير شخص تتوافر فيه صفات معينه ويكون على درجة من الكفاية العلمية أو الفنية , ويطلب منه أن يبدي رأيه بشأن تقدير مسألة لها طبيعة خاصة قد تتطلب أبحاث وتجارب فنية , ثم استنتاج لما أدركه مطبقا في ذلك معلوماته الفنية الخاصة , وأخيرا ينقل ما توصل إليه إلى القاضي مدعما بالأسانيد العلمية والفنية , والمحكمة غير مقيدة برأي الخبير , فلها أن تأخذ به أو لا تأخذ بحسب مدى اقتناعها بصواب الأسباب التي يبنى عليها ,
فان ذلك يدخل في حدود سلطتها التقديرية , أما الترجمان فهو لا يقدم إلى القاضي تقديرا شخصيا وإنما يساعد القاضي في فهم لغة معينة.
الرأي الشخصي:
نؤيد الرأي الغالب في الفقه , الذي يرى أن الترجمة هي نوع من الخبرة فالترجمان شخص يساعد القاضي على إدراك أمر معين يتطلب معرفة خاصة قد لا تتوفر في القاضي , كما أن الترجمة ليست وسيلة من شأنها خلق دليل جديد وبالتالي ليست من وسائل الإثبات في الدعوى .
وعلى ذلك فالترجمة ليست إلا نوع من الخبرة , حيث أن مصطلح الخبرة يجب أن يؤخذ بمدلول أوسع , ليشمل كافة حالات المساعدات الفنية والعلمية التي يقصد بها استكمال معرفة القاضي بقصد مساعدته في تقدير عنصر من عناصر الإثبات , وهذا ما أكده المشرع الفرنسي واللبناني والأردني حيث أن الأحكام التي أوردها بالنسبة للترجمة لا تختلف في شيء عما ورد بشأن تنظيم الخبرة .
قائمة المراجع
الكتب القانونية:
اولا : الكتب المتخصصة :
- د. إبراهيم إبراهيم الغماز-الشهادة كدليل إثبات في المواد الجنائية ,دراسة قانونية نفسية –الطبعة الأولى – عالم الكتب للنشر - القاهرة -1980.
---------------------------------------------------
- د.احمود فالح الخرابشة – الإشكالات الإجرائية للشهادة في المسائل الجزائية – الطبعة الأولى – دار الثقافة – عمان-2009 .
---------------------------------------------------
- د.عبد الفتاح مراد-التحقيق الجنائي التطبيقي – بدون دار نشر – بدون سنة نشر.
---------------------------------------------------
- المستشار عدلي خليل –استجواب المتهم فقها وقضاءا-الطبعة الأولى – دار الكتب القانونية –جمهورية مصر العربية -1996 .
---------------------------------------------------
- د. عماد محمد احمد ربيع - حجية الشهادة في الإثبات الجزائي (دراسة مقارنة ) – الطبعة الأولى – دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – 1999.
---------------------------------------------------
-المستشار عمرو عيسى الفقهي –ضوابط الإثبات الجنائي –الطبعة الأولى – منشأة المعارف –الإسكندرية- 1999.
---------------------------------------------------
ثانيا : الكتب القانونية العامة:
- فايز الايعالي – قواعد الإجراءات الجزائية على ضوء القانون والفقه والاجتهاد –الطبعة الاولى – المؤسسة الحديثة للكتاب – طرابلس لبنان 1994.
---------------------------------------------------
- د محمد سعيد نمور – أصول الإجراءات الجزائية – الطبعة الأولى –دار الثقافة – عمان 2005.
---------------------------------------------------
- د. مراد محمود الشنيكات – الإثبات بالمعاينة والخبرة في القانون المدني –الطبعة الأولى – دار الثقافة – عمان 2008.
الرسائل العلمية:
* عمر بن إبراهيم بن حماد العمر –إجراءات الشهادة في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي(دراسة مقارنة تطبيقية)- رسالة ماجستير –جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية –المملكة العربية السعودية-2007 .
المطلب الأول : ويتناول ماهية الترجمة .
المطلب الثاني : ويتناول شروط المترجم ورده.
الفرع الأول : شروط المترجم.
الفرع الثاني : رد المترجم .
المطلب الثالث : ويتناول مدى ضرورة ندب المترجم.
المبحث الثاني : الصفة الإجرائية لعمل المترجم .
المطلب الاول : : الترجمة نوع من الشهادة .
المطلب الثاني الترجمة نوع من الخبرة .
االمطلب الثالث الترجمة وسيلة مستقلة .
المبحث الأول
: ماهية الترجمة وشروطها
ويتناول توضيح ماهية الترجمة في المطلب الأول , ثم الشروط الواجب توافرها في الترجمة ورد المترجم في المطلب الثاني , ومدى ضرورة ندب المترجم في المطلب الثالث .
المطلب الأول : ماهية الترجمة :
نظم قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني أحكام الترجمة في المواد (227/228/229) حيث تنص المادة 227 /1 " إذا كان المتهم أو الشهود أو احدهم لا يحسنون التكلم باللغة العربية عين رئيس المحكمة ترجمانا لا يقل عمرة عن الثامنة عشرة وحلفه اليمين بأن يترجم فيما بينهم وبين المحكمة بصدق وأمانة " وتنصص هذه المادة في فقرتها الثانية على 2" إذا لم تراع أحكام هذه المادة تكون المعاملة باطلة " .
مادة 228 " يسوغ للمتهم وممثل النيابة أن يطلب رد الترجمان المعين على أن يبديا الأسباب الموجبة لذلك وتفصل المحكمة في الأمر".
مادة 229 "لا يسوغ انتخاب الترجمان من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى ولو رضي المتهم وممثل النيابة وإلا كانت المعاملة باطلة ".
الأصل أن تتم جميع إجراءات الدعوى بلغة الدولة الرسمية وهذا ما يتفق مع إقليمية قواعد الإجراءات القانونية وسيادتها , وتتضمن معظم التشريعات قاعدة تشير إلى ذلك , ولكن من المتفق عليه أن القاضي أو المحقق يجوز له الاستعانة بمترجم إذا تبين أن المتهم أو احد الشهود يتكلم بلغة أجنبية أو بلهجة غير معروفة وبالتالي يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية وهي اللغة
العربية , كما أن القاضي أو المحقق له هذا الحق أيضا إذا قدم مستند في الدعوى محرر بلغة أجنبية . وقد نصت المادة 19 من قانون السلطة القضائية المصري رقم 46 لسنة 1972 على أن " لغة الدولة هي اللغة العربية وعلى المحكمة أن تسمع أقوال الخصوم أو الشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين ".
ومن هذه النصوص يتبين لنا الأهمية البالغة التي تحتلها الترجمة إذا كان الشاهد أو المدعى عليه يتكلم بلغة أجنبية لا يعرفها القاضي أو المحقق, وبالتالي يصعب التفاهم معه باللغة الرسمية مما يستوجب على المحكمة الاستعانة بترجمان لكي يشرح لها باللغة الرسمية حقيقة ما يدلي به هذا الشاهد أو المدعى عليه من أقوال . وكذلك لكي يساعده على فهم الاتهامات والأسئلة والملاحظات التي توجه إليه باللغة الرسمية المعترف بها في الدولة وينقل عنه إجاباته .
وفي الاستجواب على المحقق أن يثبت كل هذه الإجراءات في صدر محضره قبل أن يباشر التحقيق ثم يقوم بتوجيه السؤال إلى المترجم الذي يقوم بدوره بتوصيله إلى المتهم , و يتلقى المترجم إجابة السؤال من المتهم ويقوم بتوصيله إلى المحقق , وكل سؤال وإجابته يتعين أن يثبت باللغة العربية في محضر التحقيق .
ومما سبق يمكننا التوصل إلى تعريف الترجمة بأنها : التعبير من معنى كلام في لغة معينة بما بطابقها من كلام في لغة أخرى , مع الأخذ بالاعتبار الوفاء بجميع المعاني والمقاصد , لذلك يجب أن يكون المترجم مجيدا للغة المتهم أو الشاهد وكذلك اللغة العربية باعتبارها اللغة الرسمية .
المطلب الثاني: شروط المترجم ورده وفقا لقانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني :
الفرع الأول: شروط الترجمان
يشترط المشرع الأردني في المترجم , أن لا يقل عمره عن الثامنة عشرة , وكذلك يشترط أن يحلف اليمين قبل أن يباشر عمله ؛ بأن يترجم بصدق و أمانة , كما يشترط أن لا يكون المترجم من الشهود أو أعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى , وقد نص المشرع الأردني على هذه الشروط في المواد 227 و229 من قانون أصول المحاكمات الجزائية .
أولا : أن لا يقل عمر المترجم عن الثامنة عشرة :
وقد نص المشرع الأردني على هذا الشرط في المادة 227|1 , بمعنى أن المشرع الأردني يشترط في المترجم بلوغ سن الرشد , وفقا لأحكام المادة 43|2 من القانون المدني الأردني والتي نصت على "وسن الرشد هي ثماني عشرة سنة شمسية كاملة ". فإذا بلغ الشخص ثماني عشرة سنة متمتعا بقواه العقلية عد مكتملا لأهليته , وقد سار على نهج المشرع الأردني ؛ المشرع اللبناني حيث اشترط ذات الشرط في نص المادة 316 من قانون أصول المحاكمات الجزائية والتي نصت على إذا كان المتهم أو الشهود أو احدهم لا يحسنون التكلم بلغة الآخرين فيعين رئيس المحكمة ترجمانا لا يقل عمرة عن ثمانية عشرة , ويحلفه اليمين بأن يترجم فيما بينهم بصدق وأمانة أقوال بعضهم بعضا ".
وقد اشترطت بعض القوانين أن يكون المترجم قد بلغ من العمر واحد وعشرون عاما , ومن ذلك القانون الفرنسي , وقد سار على نهجه المشرع المصري فاشترط أن يكون المترجم كامل الأهلية لا يقل عمره عن إحدى وعشرون سنة , ومن يبلغ سن الثامنة عشرة وفقا للقانون المصري يعد في مرحلة الصبي المميز وبالتالي لا يقبل أن يكون مترجما .
ثانيا :حلف اليمين :
اليمين نداء روحي صادر عن الضمير وتعهد على قول الحق أمام من يقدسه المترجم , فالمترجم عندما يحلف اليمين يتخذ الله - سبحانه وتعالى - رقيبا على صدق ترجمته ويعرض نفسه لغضبه وانتقامه إن كذب فيها , فحلف اليمين يذكر المترجم بالإله القائم على كل نفس ويحذره من سخطه عليه إن هو قرر غير الحق .
ونظرا لوجود وسيط بين المحقق أو القاضي وبين المتهم أو الشاهد فيه خطورة تعرض الاستجواب أو الشهادة للخطأ , وما قد ينجم عنه من إضرار لحقوق الدفاع مما لا يتفق مع مصلحة العدالة , فانه لتلافي تلك النتائج ولضمان صحة الإجراءات يلزم تحليف المترجم اليمين القانونية على أن يقوم بواجبه بالأمانة والصدق, ولا يشترط لهذا القسم صيغة محددة فيكفي أن تدل ألفاظه على هذا المعنى . وذلك إذا لم يكن قد سبق له تأديته عند تعيينه , كما انه إذا كان قد حلف اليمين عند انتدابه في بدأ التحقيق , فتستمر له صفته ولا يكون في حاجة إلى إعادته حتى يتم التصرف في الدعوى .
وينبغي أن تكون اليمين قبل البدء بالترجمة لا بعدها , وإلا كان العمل باطلا ؛لان حلف اليمين قبل الترجمة ينبه ضمير المترجم ويدفعه إلى أدائها بصدق وأمانة , بخلاف ما لو ترجم اولا بلا يمين فانه يتهاون في أدائها ,ثم إذا طلب منه اليمين على أنها صادقة فقد لا يجرؤ على التراجع والاعتراف بعدم صحتها , فيضطر إلى تأيدها باليمين .
وهذا الشرط مفروض تحت طائلة البطلان ,فلا يغطي المعاملة الباطلة رضوخ المدعى عليه أو موافقة النيابة العامة .
ثالثا:أن لا يكون المترجم من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى :
تنص المادة 229 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على انه :" لا يسوغ انتخاب الترجمان من الشهود وأعضاء المحكمة الناظرة في الدعوى ولو رضي المتهم وممثل النيابة وإلا كانت المعاملة باطلة ". كما نصت على ذلك المادة 318 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني .
فيجب أن لا يكون المترجم من بين الشهود في الدعوى وذلك حتى يكون بعيدا عن كل شبهه , كما أن القاضي لا يستطيع أن يقوم بهذه المهمة حتى يتفرغ لعمله , ولان القاضي لا يجوز أن يكون له رأي مسبق في القضية التي ينظرها , كا يفترض ان لا يكون المترجم من بين الخصوم في الدعوى ؛ وذلك لضمان حياد المترجم فلا يكون له فيما يترجمه أي مصلحة شخصية قد تدفعه إلى تضليل العدالة .
كما أن هذا الشرط مفروض تحت طائلة الإبطال حتى ولو رضي المتهم أو النيابة العامة بهذا الإجراء.
الفرع الثاني: رد الترجمان
تنص المادة 228 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على انه:" يسوغ للمتهم وممثل النيابة أن يطلب رد الترجمان المعين على أن يبديا الأسباب الموجبة لذلك وتفصل المحكمة في الأمر". ويقصد برد المترجم منعه من مباشرة أعمال الترجمة التي كلف بها كلما قام سبب يدعو إلى الشك في صحة ترجمته .
وذلك ضمانا من المشرع لحياد المترجم , ورفعا له عن مواطن الشك و فأباح للمتهم أو ممثل النيابة طلب استبعاده ورده عن ما كلف به من أعمال الترجمة ؛ متى توافرت في حقه إحدى الحالات التي تجعل هناك احتمال قيام شك في صدق عمله ونزاهته , الأمر الذي حدا بالمشرع على اختلاف البلدان لإقرار مثل هذا النظام .
وذلك حتى لا يضلل المترجم العدالة تحت ستار الترجمة التي اختير لأدائها , فمتى ما تحقق القاضي من وجود الأسباب التي دفعت المتهم أو النيابة إلى تقديم طلب الرد , فانه يقرر رد المترجم عن إجراء الترجمة واستبداله بمترجم آخر.
المطلب الثالث: مدى ضرورة ندب المترجم
يتجه الرأي في فرنسا إلى أن تعيين المترجم في مرحلة التحقيق الابتدائي ليس ملزما لقاضي التحقيق , ويترك له تقدير مدى الحاجة إليه , ويعارض البعض هذا الاتجاه , حيث بالإضافة الى
كونه يضعف الثقة الواجب توافرها في التحقيق الابتدائي فانه لا يتفق مع مبادئ العدالة , لا سيما إذا كان المتهم لم يدرك حقيقة الاتهامات القائمة ضده أو حقوقه وامتيازاته المقررة قانونا .
أما أثناء التحقيق النهائي في مرحلة المحاكمة , فان الرأي مستقر على وجوب انتداب المترجم إذا كانت ظروف الدعوى تستدعي هذا الندب , ولا يكون هناك سلطة تقديرية لرئيس الجلسة فيما يتعلق بذلك .
لذلك استقر ت أحكام القضاء الفرنسي على أن حضور المترجم يكون واجبا فقط بالنسبة للاستجواب والموجهة , فالقاضي لا يكون ملزما بانتدابه لمساعدة المتهم عند اتخاذ الإجراءات الأخرى معه , أو حتى أثناء حديثه مع محاميه .
ولعل المشرع الأردني استغنى عن النص على الترجمة في مرحلة التحقيق الابتدائي , استلهاما منه بتطبيق هذه النصوص من قبل المحقق في هذه المرحلة لعدم الاختلاف في الإجراء بين مباشرته في مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة وإمكانية جر الأحكام الضابطة لهذه الإجراءات الخاصة بمرحلة المحاكمة إلى تلك المرحلة .
ومن ناحية أخرى فان الأهمية البالغة التي تحتلها الترجمة تؤكد ضرورة تعيين مترجم في جميع مراحل الدعوى إذا وجد أي شك في مقدرة المتهم أو الشاهد على فهم اللغة الرسمية للمحكمة .وكذلك حتى نفوت على المتهم فرصة الاحتجاج فيما بعد بالنسبة لأقواله السابقة ؛ استنادا إلى انه لم يدرك جيدا المقصود من الأسئلة الموجهة إليه أو انه لم يقصد المعنى الذي تضمنته إجابته , فيتمكن عن طريق ذلك من إيجاد ثغرات يكون لها تأثير كبير في الاقتناع .
المبحث الثاني :
الصفة الإجرائية لعمل المترجم
لم يتناول قانون أصول المحاكمات الجزائية بيان الصفة الإجرائية للمترجم وإزاء ذلك ثار خلاف فقهي مصدره التساؤل حول ما إذا كان المترجم يعد شاهدا على ما يقرره المتهم أو الشاهد بلغته , أم انه يعد خبير في مدلول تلك اللغة , أم أن عمل الترجمان له طبيعة خاصة مستقلة به .
وسوف نتناول ذلك على النحو الأتي :
الرأي الأول : الترجمة نوع من الشهادة :
يرى بعض الفقهاء أن الترجمة تعد شهادة على ما يقرره الشاهد أو المدعى عليه بلغته , لان الترجمان ينقل عبارات من لغة مجهولة إلى لغة أخرى معلومة , مما لا يتطلب أبحاث فنية أو علمية و كما أنها تتمثل في أعمال روتينية لا تحتاج إلى استنتاج أو تكييف أو أي تقرير شخصي , فهي وسيلة إثبات مثل الشهادة حيث يشهد الترجمان بمحتويات المستند أو ما تتضمنه الإقرارات
وبذلك فهو يضيف عنصرا جديدا في الدعوى , كما أن الخبرة تتناول إيضاح مسائل موجودة من قبل ويحتاج الأمر فيها إلى بحث وتحليل حتى يمكن للخبير أن يدلي برأيه أو تقديره الشخصي .
فالمترجم وفقا لهذا الرأي ؛ شاهد من ناحية إدراكه للعبارات الأجنبية التي يتطلب إليه أن يترجمها , فكما قد يسيء الشاهد أحيانا التقاط حقيقة الأمور التي يدعى لأداء الشهادة عنها , يسيء
المترجم كذلك في بعض الأحيان التقاط مضمون الألفاظ التي يدعى لترجمتها من اللغة الأجنبية إلى اللغة الوطنية .
الرأي الثاني: الترجمة نوع من الخبرة :
يرى اغلب الفقهاء أن الترجمة هي نوع من الخبرة , فالمترجم ليس إلا مساعدا للقاضي أو المحقق تتوافر لديه كفاءة هي معرفة اللغة المطلوب ترجمتها لنقل مضمون الأقوال أو الكتابة المقدمة إلى اللغة العربية , ولا بد في هذه الحالة من تدخل عنصر التقدير الشخصي , فالاصطلاح الواحد قد يكون له معان عدة , كذلك فان عمل المترجم يتم وفقا لعملية ذهنية من شأنها فهم مدلول تلك الإقرارات أو العبارات المكتوبة ثم نقلها من لغة إلى أخرى .
ولا يوجد اختلاف بين هذا الفرض وما عليه الحال بالنسبة للخبرة والتي فحواها الاستعانة بشخص أو أشخاص لهم كفاءة علمية لا تتوفر لدى القاضي مثل ( خبراء الأسلحة , والأطباء , وخبراء الخطوط والبصمات ) , ففي كلتا الحالتين يوجد نقص في معرفة القاضي ولا يهم ما إذا كان ذلك مصدره عدم إلمامه بلغة معينة أو بعلم معين أو فن معين .
كما انه لا يوجد اختلاف بين الطبيعة القانونية في الخبرة والترجمة فكل منهما وسيلة لمساعدة القاضي في إدراك أمر معين يتطلب معرفة خاصة , ويتضح هذا بصفة خاصة من خلال الأحكام التي أوردها المشرع الأردني بالنسبة للترجمة فهي لا تختلف في شيء عما ورد بشأن تنظيم الخبرة أمام القضاء , ويبدو ذلك فيما يتعلق بالإجراءات الشكلية التي اوجب المشرع مراعاتها في
الحالتين مثل أمر الندب وأداء اليمين وجواز الرد , وسلطة القاضي في التوجيه وحقه في الاستبدال وأخيرا في الجزاءات والمكافأة .
الأمر الذي يقطع بأن الترجمة بعيدة كل البعد عن الشهادة وأنها عمل فني له طبيعة مماثلة لإعمال الخبرة تكمل نقص معرفة القاضي أو المحقق اللغوية . وهذا الرأي هو السائد حاليا والراجح وهو ما ينادي به الفقه ويأخذ به المشرع الفرنسي .
الرأي الثالث : الترجمة وسيلة مستقلة :
يرى بعض الفقهاء أن الترجمة وسيلة مستقلة عن الشهادة والخبرة , فالترجمة ليست نوع من الشهادة ؛ لان الشهادة وسيلة من وسائل الإثبات الجزائي , فالشهادة في الأصل هي تقرير
الشخص لما يكون قد رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه و أما الترجمان فهو شخص استدعي لكي يترجم لغة غير مفهومة إلى لغة أخرى مفهومة ومن ثم فهو لا يضيف عنصرا جديدا في الدعوى , وإنما عليه أن يظهر معنى لفظ غريب على سامعه أو قارئه .
كذلك فالترجمة ليست نوع من الخبرة لان الخبير شخص تتوافر فيه صفات معينه ويكون على درجة من الكفاية العلمية أو الفنية , ويطلب منه أن يبدي رأيه بشأن تقدير مسألة لها طبيعة خاصة قد تتطلب أبحاث وتجارب فنية , ثم استنتاج لما أدركه مطبقا في ذلك معلوماته الفنية الخاصة , وأخيرا ينقل ما توصل إليه إلى القاضي مدعما بالأسانيد العلمية والفنية , والمحكمة غير مقيدة برأي الخبير , فلها أن تأخذ به أو لا تأخذ بحسب مدى اقتناعها بصواب الأسباب التي يبنى عليها ,
فان ذلك يدخل في حدود سلطتها التقديرية , أما الترجمان فهو لا يقدم إلى القاضي تقديرا شخصيا وإنما يساعد القاضي في فهم لغة معينة.
الرأي الشخصي:
نؤيد الرأي الغالب في الفقه , الذي يرى أن الترجمة هي نوع من الخبرة فالترجمان شخص يساعد القاضي على إدراك أمر معين يتطلب معرفة خاصة قد لا تتوفر في القاضي , كما أن الترجمة ليست وسيلة من شأنها خلق دليل جديد وبالتالي ليست من وسائل الإثبات في الدعوى .
وعلى ذلك فالترجمة ليست إلا نوع من الخبرة , حيث أن مصطلح الخبرة يجب أن يؤخذ بمدلول أوسع , ليشمل كافة حالات المساعدات الفنية والعلمية التي يقصد بها استكمال معرفة القاضي بقصد مساعدته في تقدير عنصر من عناصر الإثبات , وهذا ما أكده المشرع الفرنسي واللبناني والأردني حيث أن الأحكام التي أوردها بالنسبة للترجمة لا تختلف في شيء عما ورد بشأن تنظيم الخبرة .
قائمة المراجع
الكتب القانونية:
اولا : الكتب المتخصصة :
- د. إبراهيم إبراهيم الغماز-الشهادة كدليل إثبات في المواد الجنائية ,دراسة قانونية نفسية –الطبعة الأولى – عالم الكتب للنشر - القاهرة -1980.
---------------------------------------------------
- د.احمود فالح الخرابشة – الإشكالات الإجرائية للشهادة في المسائل الجزائية – الطبعة الأولى – دار الثقافة – عمان-2009 .
---------------------------------------------------
- د.عبد الفتاح مراد-التحقيق الجنائي التطبيقي – بدون دار نشر – بدون سنة نشر.
---------------------------------------------------
- المستشار عدلي خليل –استجواب المتهم فقها وقضاءا-الطبعة الأولى – دار الكتب القانونية –جمهورية مصر العربية -1996 .
---------------------------------------------------
- د. عماد محمد احمد ربيع - حجية الشهادة في الإثبات الجزائي (دراسة مقارنة ) – الطبعة الأولى – دار الثقافة للنشر والتوزيع – عمان – 1999.
---------------------------------------------------
-المستشار عمرو عيسى الفقهي –ضوابط الإثبات الجنائي –الطبعة الأولى – منشأة المعارف –الإسكندرية- 1999.
---------------------------------------------------
ثانيا : الكتب القانونية العامة:
- فايز الايعالي – قواعد الإجراءات الجزائية على ضوء القانون والفقه والاجتهاد –الطبعة الاولى – المؤسسة الحديثة للكتاب – طرابلس لبنان 1994.
---------------------------------------------------
- د محمد سعيد نمور – أصول الإجراءات الجزائية – الطبعة الأولى –دار الثقافة – عمان 2005.
---------------------------------------------------
- د. مراد محمود الشنيكات – الإثبات بالمعاينة والخبرة في القانون المدني –الطبعة الأولى – دار الثقافة – عمان 2008.
الرسائل العلمية:
* عمر بن إبراهيم بن حماد العمر –إجراءات الشهادة في مرحلتي الاستدلال والتحقيق الابتدائي(دراسة مقارنة تطبيقية)- رسالة ماجستير –جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية –المملكة العربية السعودية-2007 .
Jafar Al-tarawneh- عدد المساهمات : 2
تاريخ التسجيل : 25/05/2010
العمر : 38
مواضيع مماثلة
» قانون اصول المحاكمات الجزائية العسكري
» قانون اصول المحاكمات الجزائية ألاردني وتعديلاته رقم 9 لسنة 1961
» الترجمة: (http://translate.google.com)
» المرافعات لدى المحاكم الجزائية:لدى محكمة أمن الدولة،لدى محكمة الجنايات الكبرى،والمحاكم المدنية.
» إعادة المحاكمة وفق قانوني أصول المحاكمات المدنية وأصول المحاكمات الجزائية الاردنيين
» قانون اصول المحاكمات الجزائية ألاردني وتعديلاته رقم 9 لسنة 1961
» الترجمة: (http://translate.google.com)
» المرافعات لدى المحاكم الجزائية:لدى محكمة أمن الدولة،لدى محكمة الجنايات الكبرى،والمحاكم المدنية.
» إعادة المحاكمة وفق قانوني أصول المحاكمات المدنية وأصول المحاكمات الجزائية الاردنيين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى