وقفة اليوم مع عالم بغداد"معروف الكرخي"
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
وقفة اليوم مع عالم بغداد"معروف الكرخي"
عالم بغداد الشيخ معروف الكرخي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا دائماً، دوام الوجود، و إلى يوم الشهود، و (صلى الله على الحبيب الشفيع. صاحب الحوض. محمد النور و على آله الطاهرين الطيبين و أصحابه الكرام الزاهدين و سلم تسليماً كثيرا.
الولي الصالح ، ابو محفوظ الشيخ معروف الكرخي ، قدس الله روحه .
مولده
ولد معروف الكرخي من أبوين فارسيين نصرانيين ، فلما شب عن الطوق اخذ والداه يعلمانه أمر دينهما ويحدثانه عن الأب ، والابن ، وروح القدس ؟ فأبى القدس النوراني الذي أضيء في قلب الغلام ان يستمع وان يصدق هذا الحديث ، فقال لهما معروف في براءة الطفولة وفطرة البشرية السليمة : أي أبي أي أمي ان الله سبحانه الذي خلق هذا الكون البديع الجميل المتناسق ، واحد أحد لا شريك له ؟ فبكت ألام ، وصرخ الأب ، لقد امتطى الشيطان جسد وحيدنا ؟
وكفكفت الام من دموعها ، ثم قالت لزوجها ان ابنك طفل صغير ولا يكاد يبين ولا يحسن هذا الكلام ، ولا يفهم معناه ، وانما هو ببغاء تردد ما سمعت ، واغلب ضني ان ما افسده علينا بعض الحنيفين من جيراننا فاحبسه في بيتك ، فانه انفع له .
واستمع الاب الى نصيحة الام فحبس معروفا في خزانة له اياما ، ثم رق عليه فاخرجه منها لكن معروفا عاد اليها فقد الفها واحبها ووجد فيها ملاذا وانسا فكان لا يخرج منها الا ان يخرجوه كرها .
فقال له ابوه : ما الذي حبب اليك هذه الخزانة . قال : أن الذي زعمتما انه أفسدني عليكما قد وجدته فيها قال ابوه : من هو ؟ قال : الذي تسبح السماوات والارضين بحمده ، الذي يرى ويعلم ويحيط بكل شيء ، وهو مع خلقه اينما كان . لقد حبستماني في هذه الخزانة الضيقة ، فعشت بقلبي في عالم فسيح اكبر من هذا العالم الذي تشاهدونه باعينكما ، أحسست أنسا يملا وجودي ونورا يضيء ليلي ، وعطرا يتدفق حولي وبهجة ونشاطا يمرحان في كياني ثم يقينا واطمئنانا جميلا حنونا يحيط بي ، فكل شيء حولي باسم سعيد فعلمت أن ربي لا يترك عباده اينما كانوا وحيثما وجودوا لا يحجبه الحزن ، ولا تمنعه السدود والقيود ؟
فمزق ابوه ثيابه .. ولطم وجهه وقال لامه : هذا عملك لقد خلط ولدي في عقله وجن في محبسه . فقالت اإلام الجازعة انطلق به إلى راهب الكرخ ، فقص عليه خبره ، واساله أن يرعبه وبعوذه ليطرد الشياطين العابثة من هيكله وروحه وابتسم الراهب في اطمئنان الواثق من نفسه واخذ يستدرج الفتى بالكلام الجميل اللين . قال الراهب : يابني الحبيب مالذي افسدك على والديك ، أي شيطان نفذ في روحك هذا الضلال قال الفتى : أرح ياسيدي نفسك ، فلم ثعبث بي الشياطين ولم يتناول أحد من البشر بالتلقين والتضليل ، وانما هو قلبي الذي أرشدني.
قال الراهب كيف ذلك ؟ قال : لانه لا يزال يتعرض الأشياء ، فيفكر في حالها ومالها ؟ فقال الراهب : وما الذي تراه ؟ قال : أرى واحدا عمل الأشياء كلها ، ولا يصح ان يشبه شيئا منها لانه لو أشبه شيئا منها لكان معمولا مثله ، وهذا الواحد الأحد له صفات الكمال كاملة ، تنزه وتعالى عن الصاحب والولد .
فقال الرهاب مكانك حتى اخرج إليك ؟ ودخل صومعته ، ثم اخرج دواة وورقة ، ثم أعاد المسالة عليه وكتب جوابه ، وقال لفيروز – والد معروف - : يا فيروز لولا انك قلت لي انه ابنك لقلت : انه من تلاميذ الملائكة قال : انطلق بفتاك فقد أوشك أن يفسد علي عقلي .
وعاد فيروز إلى داره حزينا يعصر الألم قلبه لقد خذله الراهب كما خذله ابنه ؟
وتقدمت المرأة بالنصيحة للمرة الثالثة قالت : اذهب بفتاك إلى راهب العالية فما تعرف النصرانية اعظم منه علما ، ولا أهدى سبيلا .
وانطلق فيروز بفتاه واستلمه راهب العالية ومكث الراهب أياما يعالج أمر الفتى ، باللين حينا ، وبالشدة أحيانا يقول له الراهب أب وابن وروح ؟ فيقول معروف : اله واحد فيضربه الراهب ويعود لتعليمه فيأبى إلا أن يقول : اله واحد .. أحد .. أحد .. ؟ فضربه ضربا مبرحا فهرب معروف ، واعتزم ان لا يعود أليه ولا إلى والديه .. ؟
انطلق الطفل في الارض الواسعة ينشد الفرار بدينه وقلبه ، لتصفو له عبادة موجده وخالقه .
وطاف بأرض العراق وحيدا يقتات الأعشاب ويرنو إلى السماء ويملا الفضاء بالدعاء حتى وصــــل إلى الكوفة ولندع معروف الكرخي رضي الله عنه يحدثنا عن نفسه فيقول ( مررت بالكوفة ، وقد ورمت قدماي ، وتمزق ثوبي وضعفت قوتي وكان من عادتي أن ألوذ بالمساجد ، فدخلت مسجدها ، فوجدت حلقة من الناس تلتف حول رجل أشهب في وجهه إشراق يشوبه حزن، و هو يتكلم و الناس من حوله كأنما على رؤوسهم الطير، ذلك هو واعظ الكوفة الصوفي العارف بن السماك- فألقيت إليه بسمعي فسمعته يقول: من اعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، و من أقبل على الله بقلبه أقبل الله برحمته عليه و اقبل بجميع وجوه الخلق إليه، و من كان مرة و مرة فالله يرحمه وقتاً ما .. ؟ فوقع كلامه في قلبي، فاتجهت إلى خالقي، و هو يعلم سري و علانيتي، و استجاب الله تعالى لي فإذا بالشيخ يقطع كلامه، و يصمت لحظة، ثم يهتف بصوت فيه رعدة: أين الفتى البغدادي.. ؟ و رأيت أعين الناس جميعا تكسح الحلقة، و تتصفح الوجوه، ثم امتدت الأيدي ألي و حملتني إلى الشيخ، فمسح على رأسي، و قبل جبيني، و قال: أهلا بالهارب إلى مولاه، أهلا بمن تحبوه عناية الله، أهلا بمن ربته الملائكة؟ و تذكرت الراهب الذي قال لآبي: إنه من تلاميذ الملائكة، فبكيت، فقال: أتبكي: و أنت أنت، قلت: يا سيدي لقد تذكرت كلمة سابقة، قال: كلمة الراهب؟ قلت: و قد أخذني العجب، نعم، قال: أدع الله له فانك مجاب الدعوة، فدعوت الله، و قد علمت بعد حين ان الراهب قد هداه الله فاسلم و حسن إسلامه، ثم أخذني ابن السماك إلى سليل بيت النبوة على بن ابي موسى الرضا رضي الله عنه، فوقفت بين يديه و اخذ يسألني و أجيبه على كل ما سأل، و كان سعيد بن سهيل الزاهد يستمع إلى هذا الغلام فقال: أنها لفصاحة بيت النبوة، فابتسم سيدنا علي بن موسى رضي الله عنه و قال: ( انه من آل البيت، حباً و خلقا/ لا عرقا و نسبا، لقد اصطفاه إعجابا و تقديرا و ألحقناه بنا إعزازا و تكريما، كما ألحق جدنا صلى الله عليه و سلم ، سلمان الفارسي بنا يوم إن خرج مهاجراً لله ينشد الحق، و يبغي الهدى، مضحياً بكل شيء في سبيل عقيدته أيمانا)
قال سعد بن سهل: لقد زدتني يا ابن بنت رسول الله تقديراً و أعجاباً بالفتى، و أشعلت في قلبي تطلعا إلى نبأه قال سيدنا عليَّ بن موسى الرضا رضي الله عنه ( إنه لغلام ربته الملائكة، و يسرته للحسنى العناية العالية، و كلأته في المهد الرعاية التي تكلأ سعداء القدرة أصحاب الجنة و النار و أحباب الله) .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا دائماً، دوام الوجود، و إلى يوم الشهود، و (صلى الله على الحبيب الشفيع. صاحب الحوض. محمد النور و على آله الطاهرين الطيبين و أصحابه الكرام الزاهدين و سلم تسليماً كثيرا.
الولي الصالح ، ابو محفوظ الشيخ معروف الكرخي ، قدس الله روحه .
مولده
ولد معروف الكرخي من أبوين فارسيين نصرانيين ، فلما شب عن الطوق اخذ والداه يعلمانه أمر دينهما ويحدثانه عن الأب ، والابن ، وروح القدس ؟ فأبى القدس النوراني الذي أضيء في قلب الغلام ان يستمع وان يصدق هذا الحديث ، فقال لهما معروف في براءة الطفولة وفطرة البشرية السليمة : أي أبي أي أمي ان الله سبحانه الذي خلق هذا الكون البديع الجميل المتناسق ، واحد أحد لا شريك له ؟ فبكت ألام ، وصرخ الأب ، لقد امتطى الشيطان جسد وحيدنا ؟
وكفكفت الام من دموعها ، ثم قالت لزوجها ان ابنك طفل صغير ولا يكاد يبين ولا يحسن هذا الكلام ، ولا يفهم معناه ، وانما هو ببغاء تردد ما سمعت ، واغلب ضني ان ما افسده علينا بعض الحنيفين من جيراننا فاحبسه في بيتك ، فانه انفع له .
واستمع الاب الى نصيحة الام فحبس معروفا في خزانة له اياما ، ثم رق عليه فاخرجه منها لكن معروفا عاد اليها فقد الفها واحبها ووجد فيها ملاذا وانسا فكان لا يخرج منها الا ان يخرجوه كرها .
فقال له ابوه : ما الذي حبب اليك هذه الخزانة . قال : أن الذي زعمتما انه أفسدني عليكما قد وجدته فيها قال ابوه : من هو ؟ قال : الذي تسبح السماوات والارضين بحمده ، الذي يرى ويعلم ويحيط بكل شيء ، وهو مع خلقه اينما كان . لقد حبستماني في هذه الخزانة الضيقة ، فعشت بقلبي في عالم فسيح اكبر من هذا العالم الذي تشاهدونه باعينكما ، أحسست أنسا يملا وجودي ونورا يضيء ليلي ، وعطرا يتدفق حولي وبهجة ونشاطا يمرحان في كياني ثم يقينا واطمئنانا جميلا حنونا يحيط بي ، فكل شيء حولي باسم سعيد فعلمت أن ربي لا يترك عباده اينما كانوا وحيثما وجودوا لا يحجبه الحزن ، ولا تمنعه السدود والقيود ؟
فمزق ابوه ثيابه .. ولطم وجهه وقال لامه : هذا عملك لقد خلط ولدي في عقله وجن في محبسه . فقالت اإلام الجازعة انطلق به إلى راهب الكرخ ، فقص عليه خبره ، واساله أن يرعبه وبعوذه ليطرد الشياطين العابثة من هيكله وروحه وابتسم الراهب في اطمئنان الواثق من نفسه واخذ يستدرج الفتى بالكلام الجميل اللين . قال الراهب : يابني الحبيب مالذي افسدك على والديك ، أي شيطان نفذ في روحك هذا الضلال قال الفتى : أرح ياسيدي نفسك ، فلم ثعبث بي الشياطين ولم يتناول أحد من البشر بالتلقين والتضليل ، وانما هو قلبي الذي أرشدني.
قال الراهب كيف ذلك ؟ قال : لانه لا يزال يتعرض الأشياء ، فيفكر في حالها ومالها ؟ فقال الراهب : وما الذي تراه ؟ قال : أرى واحدا عمل الأشياء كلها ، ولا يصح ان يشبه شيئا منها لانه لو أشبه شيئا منها لكان معمولا مثله ، وهذا الواحد الأحد له صفات الكمال كاملة ، تنزه وتعالى عن الصاحب والولد .
فقال الرهاب مكانك حتى اخرج إليك ؟ ودخل صومعته ، ثم اخرج دواة وورقة ، ثم أعاد المسالة عليه وكتب جوابه ، وقال لفيروز – والد معروف - : يا فيروز لولا انك قلت لي انه ابنك لقلت : انه من تلاميذ الملائكة قال : انطلق بفتاك فقد أوشك أن يفسد علي عقلي .
وعاد فيروز إلى داره حزينا يعصر الألم قلبه لقد خذله الراهب كما خذله ابنه ؟
وتقدمت المرأة بالنصيحة للمرة الثالثة قالت : اذهب بفتاك إلى راهب العالية فما تعرف النصرانية اعظم منه علما ، ولا أهدى سبيلا .
وانطلق فيروز بفتاه واستلمه راهب العالية ومكث الراهب أياما يعالج أمر الفتى ، باللين حينا ، وبالشدة أحيانا يقول له الراهب أب وابن وروح ؟ فيقول معروف : اله واحد فيضربه الراهب ويعود لتعليمه فيأبى إلا أن يقول : اله واحد .. أحد .. أحد .. ؟ فضربه ضربا مبرحا فهرب معروف ، واعتزم ان لا يعود أليه ولا إلى والديه .. ؟
انطلق الطفل في الارض الواسعة ينشد الفرار بدينه وقلبه ، لتصفو له عبادة موجده وخالقه .
وطاف بأرض العراق وحيدا يقتات الأعشاب ويرنو إلى السماء ويملا الفضاء بالدعاء حتى وصــــل إلى الكوفة ولندع معروف الكرخي رضي الله عنه يحدثنا عن نفسه فيقول ( مررت بالكوفة ، وقد ورمت قدماي ، وتمزق ثوبي وضعفت قوتي وكان من عادتي أن ألوذ بالمساجد ، فدخلت مسجدها ، فوجدت حلقة من الناس تلتف حول رجل أشهب في وجهه إشراق يشوبه حزن، و هو يتكلم و الناس من حوله كأنما على رؤوسهم الطير، ذلك هو واعظ الكوفة الصوفي العارف بن السماك- فألقيت إليه بسمعي فسمعته يقول: من اعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، و من أقبل على الله بقلبه أقبل الله برحمته عليه و اقبل بجميع وجوه الخلق إليه، و من كان مرة و مرة فالله يرحمه وقتاً ما .. ؟ فوقع كلامه في قلبي، فاتجهت إلى خالقي، و هو يعلم سري و علانيتي، و استجاب الله تعالى لي فإذا بالشيخ يقطع كلامه، و يصمت لحظة، ثم يهتف بصوت فيه رعدة: أين الفتى البغدادي.. ؟ و رأيت أعين الناس جميعا تكسح الحلقة، و تتصفح الوجوه، ثم امتدت الأيدي ألي و حملتني إلى الشيخ، فمسح على رأسي، و قبل جبيني، و قال: أهلا بالهارب إلى مولاه، أهلا بمن تحبوه عناية الله، أهلا بمن ربته الملائكة؟ و تذكرت الراهب الذي قال لآبي: إنه من تلاميذ الملائكة، فبكيت، فقال: أتبكي: و أنت أنت، قلت: يا سيدي لقد تذكرت كلمة سابقة، قال: كلمة الراهب؟ قلت: و قد أخذني العجب، نعم، قال: أدع الله له فانك مجاب الدعوة، فدعوت الله، و قد علمت بعد حين ان الراهب قد هداه الله فاسلم و حسن إسلامه، ثم أخذني ابن السماك إلى سليل بيت النبوة على بن ابي موسى الرضا رضي الله عنه، فوقفت بين يديه و اخذ يسألني و أجيبه على كل ما سأل، و كان سعيد بن سهيل الزاهد يستمع إلى هذا الغلام فقال: أنها لفصاحة بيت النبوة، فابتسم سيدنا علي بن موسى رضي الله عنه و قال: ( انه من آل البيت، حباً و خلقا/ لا عرقا و نسبا، لقد اصطفاه إعجابا و تقديرا و ألحقناه بنا إعزازا و تكريما، كما ألحق جدنا صلى الله عليه و سلم ، سلمان الفارسي بنا يوم إن خرج مهاجراً لله ينشد الحق، و يبغي الهدى، مضحياً بكل شيء في سبيل عقيدته أيمانا)
قال سعد بن سهل: لقد زدتني يا ابن بنت رسول الله تقديراً و أعجاباً بالفتى، و أشعلت في قلبي تطلعا إلى نبأه قال سيدنا عليَّ بن موسى الرضا رضي الله عنه ( إنه لغلام ربته الملائكة، و يسرته للحسنى العناية العالية، و كلأته في المهد الرعاية التي تكلأ سعداء القدرة أصحاب الجنة و النار و أحباب الله) .
doaa tarawneh- عدد المساهمات : 25
تاريخ التسجيل : 27/05/2010
مواضيع مماثلة
» دراسة للدكتور معروف البخيت : وصــفي التل .. مقاتلاً عسكرياً ومفكراً استراتيجياً
» عجائب من عالم النحل والعسل
» من آراء العلامة ابن خلدون النافعة حتى اليوم : تنمية موارد الدولة لا تتم إلا بالضرائب العادلة
» عجائب من عالم النحل والعسل
» من آراء العلامة ابن خلدون النافعة حتى اليوم : تنمية موارد الدولة لا تتم إلا بالضرائب العادلة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى