تربية النفس لابراهيم بن أدهم(اشتغل بالجمال الاعظم)
صفحة 1 من اصل 1
تربية النفس لابراهيم بن أدهم(اشتغل بالجمال الاعظم)
ابراهيم ابن ادهم يعظ شابا
مر شاب بابراهيم بن ادهم (رضى الله عنه ) وهو يعظ الناس فقال الشاب لابراهيم بن ادهم يا ابراهيم انى احب فتاة جميلة فقال له يا بنى لا جمال تراه الا فانيا فاشغل نفسك بالجمال الاعظم تذوب في الوجود وتختلط بحقائق الامور فقال له الشاب يصف له جمال محبوبته
فقال له اه لو رايت عينيها او دانيت وجنتيها اه لو رأيت ثغرها وهى تبتسم لكانت عذابك الدئم الذى تحبه
فقال له ابراهيم بن ادهم
يا مسكين اه لو رايتها بعد الموت بلحظات وقد تغير لونها وشحب وجهها واصفر بياضها واهطل خدها لذهل عقلك واه لو رايتها بعد موتها بثلاثة ايام وقد تعفن جسدها ونتن ريحها وتمزق لحمها وسرح الدود فى ما كنت تشتهيه من محارمها فماذا انت فاعل وقتها يا مسكين
يا فتى
تزود من التقوى فانك لا تدرى اذا ما جن ليل هل تعيش الى الفجر
فكم من فتى امسى واصبح ضاحكا وقد خيطت له اثواب من الكفن
وكم من عروس زينوها لزوجها وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر
وكم من صغير يرتجى طول عمره وقد ادخل جسده في ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
....
هى الدنيا لا تامنن مكرها
فلو بقيت لاحد لكان رسول الله خير
باق
********
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء رجل إلى إبراهيم ابن ادهم
وقال : يا إبراهيم لقد أسرفت علي نفسي بالذنوب والمعاصي فقل لي في نفسي قولا بليغا
قال إبراهيم : أعظك بخمس نعم أعظك بخمس
قال الإعرابي : هات الأولى
قال إبراهيم : الأولي
لا تأكل من رزق الله واعص الله
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم وهو الذي يطعم ولا يطعم
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزق الله وتعصيه
قال الإعرابي : هات الثانية
قال إبراهيم : الثانية
لا تسكن في ارض الله
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم والأرض أرضه والسماء سماؤه
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وتعصيه
قال الإعرابي : هات الثالثة
قال إبراهيم : الثالثة
اذهب إلى مكان لا يراك فيه الله واعصيه
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم
قال ابر أهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك وتعصيه
قال الإعرابي : هات الرابعة
قال إبراهيم : الرابعة
قال الرابعة إذا آتاك ملك ليقبض الروح فقل له أنا لا أموت الآن
قال الإعرابي : من يستطيع يا إبراهيم ؟
والله يقول إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا
آتاك وتعصيه
قال الإعرابي : هات الخامسة
قال ابر أهيم : الخامسة
إذا جاءتك الزبانيه ملائكة العذاب تأخذك إلى النار فخذ نفسك إلى الجنه
قال الإعرابي : ومن يستطيع هذا يا إبراهيم
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا
أتاك ولا تملك لنفسك جنة ولا نار ثم تعصيه
قال الإعرابي : اسمع يا إبراهيم
أنا استغفر الله أتوب إليه
أنا استغفر الله أتوب إليه
فاعلنها توبة وإنابة وفرارا إلى الله
أعلنها رجعة وانضماما إلى قوافل العائدين إلى الله
وأنت نعم أنت إياك اعني يا من تأكل من رزقه ، تسكن في أرضه ، زفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا أتاك ولا تملك لنفسك جنة ولا نار .
أما آن لك أن تتوب وتستغفر علام الغيوب
سيرة حياة إبراهيم بن أدهم:
كان والده من أغنى أغنياء خراسان وأحد ملوكها، ولد (إبراهيم) بمكة حينما خرج أبوه وأمه إلى الحج عام 100 هـ أو قريبًا منها، وفتح عينيه على الحياة؛ ليجد الثراء يحيط به من كل جانب؛ فعاش حياة الترف والنعيم، يأكل ما يشاء من أطيب الطعام، ويركب أحسن الجياد، ويلبس أفخم الثياب.
وفي يوم من الأيام خرج ابراهيم ابن ادهم راكبًا فرسه، وكلبه معه، وأخذ يبحث عن فريسة يصطادها، وكان إبراهيم يحب الصيد، وبينما هو كذلك إذ سمع نداء من خلفه يقول له: (يا إبراهيم ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت) فوقف ينظر يمينه وشماله، ويبحث عن مصدر هذا الصوت فلم ير أحدًا، فأوقف فرسه ثم قال: والله لا عصيت الله بعد يومي ذا ما عصمني ربي.
ورجع إبراهيم بن أدهم إلى أهله، فترك حياة الترف والنعيم ورحل إلى بلاد الله الواسعة ليطلب العلم، وليعيش حياة الزهد والورع والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يكن إبراهيم متواكلاً يتفرغ للعبادة والزهد فقط ويعيش عالة على غيره، بل كان يأكل من عمل يده، ويعمل أجيرًا عند أصحاب المزارع، يحصد لهم الزروع، ويقطف لهم الثمار ويطحن الغلال، ويحمل الأحمال على كتفيه، وكان نشيطًا في عمله، يحكي عنه أنه حصد في يوم من الأيام ما يحصده عشرة رجال، وفي أثناء حصاده كان ينشد قائلا: اتَّخِذِ اللَّه صاحبًا... ودَعِ النَّاسَ جانبا.
يروي بقية بن الوليد، يقول: دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعامه، فأتيته، فجلس ثم قال: كلوا باسم الله، فلما أكلنا، قلت لرفيقه: أخبرني عن أشد شيء مرَّ بك منذ صحبته.. قال: كنَّا صباحًا، فلم يكن عندنا ما نفطر عليه، فأصبحنا، فقلت: هل لك يا أبا إسحاق أن تأتي الرَّسْتن (بلدة بالشام كانت بين حماة وحمص) فنكري (فنؤجر) أنفسنا مع الحصَّادين؟ قال: نعم.. قال: فاكتراني رجل بدرهم، فقلت: وصاحبي؟ قال: لا حاجة لي فيه، أراه ضعيفًا.. فمازلت بالرجل حتى اكتراه بثلثي درهم، فلما انتهينا، اشتريت من أجرتي طعامي وحاجتي، وتصدقت بالباقي، ثم قربت الزاد، فبكى إبراهيم، وقال: أما نحن فاستوفينا أجورنا، فليت شعري أوفينا صاحبه حقه أم لا؟ فغضبت، فقال: أتضمن لي أنَّا وفيناه، فأخذت الطعام فتصدقت به.
وظل إبراهيم ينتقل من مكان إلى مكان، زاهدًا وعابدًا في حياته، فذهب إلى الشام وأقام في البصرة وقتًا طويلاً، حتى اشتهر بالتقوى والعبادة، في وقت كان الناس فيه لا يذكرون الله إلا قليلا، ولا يتعبدون إلا وهم كسالي، فجاءه أهل البصرة يومًا وقالوا له: يا إبراهيم.. إن الله تعالى يقول في كتابه: {ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60) ونحن ندعو الله منذ وقت طويل فلا يستجيب لنا؟! فقال لهم إبراهيم بن أدهم: يا أهل البصرة، ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:
أولها: عرفتم الله، ولم تؤدوا حقه .
الثاني: قرأتم كتاب الله، ولم تعملوا به .
الثالث: ادعيتم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركتم سنته.
الرابع: ادعيتم عداوة الشيطان، ووافقتموه .
الخامس: قلتم : نحب الجنة، ولم تعملوا لها .
السادس: قلتم : نخاف النار، ورهنتم أنفسكم بها
السابع: قلتم: إن الموت حق، ولم تستعدوا له .
الثامن: اشتغلتم بعيوب إخوانكم، ونبذتم عيوبكم.
التاسع: أكلتم نعمة ربكم، ولم تشكروها .
العاشر: دفنتم موتاكم، ولم تعتبروا بها .
وكان إبراهيم كريمًا جوادًا، فالعسل والسمن غالبًا ما يكونان على مائدته يطعم من يأتيه، سمعه أحد أصحابه ذات مرة وهو يقول: (ذهب السخاء والكرم والجود والمواساة، من لم يواس الناس بماله وطعامه وشرابه فليواسهم ببسط الوجه والخلق الحسن.. إياكم أن تكون أموالكم سببًا في أن تتكبروا على فقرائكم، أو سببًا في أن لا تميلوا إلى ضعفائكم، وألا تبسطوا إلى مساكينكم).
وكان إبراهيم بن أدهم شديد التواضع، لا يحب الكبر، كان يقول: (إياكم والكبر والإعجاب بالأعمال، انظروا إلى من دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، من ذلل نفسه؛ رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه،ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه) ودخل إبراهيم بن أدهم المعركة مع الشيطان ومع نفسه مصممًا على الانتصار، وسهر الليالي متعبدا ضارعًا باكيًا إلى الله يرجو مغفرته ورحمته، وكان مستجاب الدعاء.
ذات يوم كان في سفينة مع أصحابه، فهاجت الرياح، واضطربت
السفينة، فبكوا، فقال إبراهيم : يا حي حين لا حي، ويا حي قبل كل حي، ويا حي بعد كل حي، يا حي، يا قيوم، يا محسن يا مُجْمل قد أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك.. وبدأت السفينة تهدأ، وظل إبراهيم يدعو ربه ويكثر من الدعاء.
وكان أكثر دعائه: (اللهم انقلني من ذل معصيتك إلى عز طاعتك) وكان يقول:
(ما لنا نشكو فقرنا إلى مثلنا ولا نسأل كشفه من ربنا) وقال: (كل سلطان لا يكون عادلاً فهو واللص سواء، وكل عالم لا يكون تقيًّا فهو والذئب سواء، وكل من ذلَّ لغير الله، فهو والكلب سواء) وكان يقول لأصحابه إذا اجتمعوا: (ما على أحدكم إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت الرجاء).
وكان إبراهيم راضيًا بحالة الزهد القاسية، وظل يكثر من الصوم والصلاة ويعطف على الفقراء والمساكين
مر شاب بابراهيم بن ادهم (رضى الله عنه ) وهو يعظ الناس فقال الشاب لابراهيم بن ادهم يا ابراهيم انى احب فتاة جميلة فقال له يا بنى لا جمال تراه الا فانيا فاشغل نفسك بالجمال الاعظم تذوب في الوجود وتختلط بحقائق الامور فقال له الشاب يصف له جمال محبوبته
فقال له اه لو رايت عينيها او دانيت وجنتيها اه لو رأيت ثغرها وهى تبتسم لكانت عذابك الدئم الذى تحبه
فقال له ابراهيم بن ادهم
يا مسكين اه لو رايتها بعد الموت بلحظات وقد تغير لونها وشحب وجهها واصفر بياضها واهطل خدها لذهل عقلك واه لو رايتها بعد موتها بثلاثة ايام وقد تعفن جسدها ونتن ريحها وتمزق لحمها وسرح الدود فى ما كنت تشتهيه من محارمها فماذا انت فاعل وقتها يا مسكين
يا فتى
تزود من التقوى فانك لا تدرى اذا ما جن ليل هل تعيش الى الفجر
فكم من فتى امسى واصبح ضاحكا وقد خيطت له اثواب من الكفن
وكم من عروس زينوها لزوجها وقد قبضت ارواحهم ليلة القدر
وكم من صغير يرتجى طول عمره وقد ادخل جسده في ظلمة القبر
وكم من صحيح مات من غير علة وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
....
هى الدنيا لا تامنن مكرها
فلو بقيت لاحد لكان رسول الله خير
باق
********
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء رجل إلى إبراهيم ابن ادهم
وقال : يا إبراهيم لقد أسرفت علي نفسي بالذنوب والمعاصي فقل لي في نفسي قولا بليغا
قال إبراهيم : أعظك بخمس نعم أعظك بخمس
قال الإعرابي : هات الأولى
قال إبراهيم : الأولي
لا تأكل من رزق الله واعص الله
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم وهو الذي يطعم ولا يطعم
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزق الله وتعصيه
قال الإعرابي : هات الثانية
قال إبراهيم : الثانية
لا تسكن في ارض الله
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم والأرض أرضه والسماء سماؤه
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وتعصيه
قال الإعرابي : هات الثالثة
قال إبراهيم : الثالثة
اذهب إلى مكان لا يراك فيه الله واعصيه
قال الإعرابي : كيف ؟ يا إبراهيم وهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم
قال ابر أهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك وتعصيه
قال الإعرابي : هات الرابعة
قال إبراهيم : الرابعة
قال الرابعة إذا آتاك ملك ليقبض الروح فقل له أنا لا أموت الآن
قال الإعرابي : من يستطيع يا إبراهيم ؟
والله يقول إذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا
آتاك وتعصيه
قال الإعرابي : هات الخامسة
قال ابر أهيم : الخامسة
إذا جاءتك الزبانيه ملائكة العذاب تأخذك إلى النار فخذ نفسك إلى الجنه
قال الإعرابي : ومن يستطيع هذا يا إبراهيم
قال إبراهيم : عجبا لك
تأكل من رزقه وتسكن في أرضه وفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا
أتاك ولا تملك لنفسك جنة ولا نار ثم تعصيه
قال الإعرابي : اسمع يا إبراهيم
أنا استغفر الله أتوب إليه
أنا استغفر الله أتوب إليه
فاعلنها توبة وإنابة وفرارا إلى الله
أعلنها رجعة وانضماما إلى قوافل العائدين إلى الله
وأنت نعم أنت إياك اعني يا من تأكل من رزقه ، تسكن في أرضه ، زفي كل مكان يراك ولا تستطيع رد الموت إذا أتاك ولا تملك لنفسك جنة ولا نار .
أما آن لك أن تتوب وتستغفر علام الغيوب
سيرة حياة إبراهيم بن أدهم:
كان والده من أغنى أغنياء خراسان وأحد ملوكها، ولد (إبراهيم) بمكة حينما خرج أبوه وأمه إلى الحج عام 100 هـ أو قريبًا منها، وفتح عينيه على الحياة؛ ليجد الثراء يحيط به من كل جانب؛ فعاش حياة الترف والنعيم، يأكل ما يشاء من أطيب الطعام، ويركب أحسن الجياد، ويلبس أفخم الثياب.
وفي يوم من الأيام خرج ابراهيم ابن ادهم راكبًا فرسه، وكلبه معه، وأخذ يبحث عن فريسة يصطادها، وكان إبراهيم يحب الصيد، وبينما هو كذلك إذ سمع نداء من خلفه يقول له: (يا إبراهيم ليس لذا خلقت، ولا بذا أمرت) فوقف ينظر يمينه وشماله، ويبحث عن مصدر هذا الصوت فلم ير أحدًا، فأوقف فرسه ثم قال: والله لا عصيت الله بعد يومي ذا ما عصمني ربي.
ورجع إبراهيم بن أدهم إلى أهله، فترك حياة الترف والنعيم ورحل إلى بلاد الله الواسعة ليطلب العلم، وليعيش حياة الزهد والورع والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، ولم يكن إبراهيم متواكلاً يتفرغ للعبادة والزهد فقط ويعيش عالة على غيره، بل كان يأكل من عمل يده، ويعمل أجيرًا عند أصحاب المزارع، يحصد لهم الزروع، ويقطف لهم الثمار ويطحن الغلال، ويحمل الأحمال على كتفيه، وكان نشيطًا في عمله، يحكي عنه أنه حصد في يوم من الأيام ما يحصده عشرة رجال، وفي أثناء حصاده كان ينشد قائلا: اتَّخِذِ اللَّه صاحبًا... ودَعِ النَّاسَ جانبا.
يروي بقية بن الوليد، يقول: دعاني إبراهيم بن أدهم إلى طعامه، فأتيته، فجلس ثم قال: كلوا باسم الله، فلما أكلنا، قلت لرفيقه: أخبرني عن أشد شيء مرَّ بك منذ صحبته.. قال: كنَّا صباحًا، فلم يكن عندنا ما نفطر عليه، فأصبحنا، فقلت: هل لك يا أبا إسحاق أن تأتي الرَّسْتن (بلدة بالشام كانت بين حماة وحمص) فنكري (فنؤجر) أنفسنا مع الحصَّادين؟ قال: نعم.. قال: فاكتراني رجل بدرهم، فقلت: وصاحبي؟ قال: لا حاجة لي فيه، أراه ضعيفًا.. فمازلت بالرجل حتى اكتراه بثلثي درهم، فلما انتهينا، اشتريت من أجرتي طعامي وحاجتي، وتصدقت بالباقي، ثم قربت الزاد، فبكى إبراهيم، وقال: أما نحن فاستوفينا أجورنا، فليت شعري أوفينا صاحبه حقه أم لا؟ فغضبت، فقال: أتضمن لي أنَّا وفيناه، فأخذت الطعام فتصدقت به.
وظل إبراهيم ينتقل من مكان إلى مكان، زاهدًا وعابدًا في حياته، فذهب إلى الشام وأقام في البصرة وقتًا طويلاً، حتى اشتهر بالتقوى والعبادة، في وقت كان الناس فيه لا يذكرون الله إلا قليلا، ولا يتعبدون إلا وهم كسالي، فجاءه أهل البصرة يومًا وقالوا له: يا إبراهيم.. إن الله تعالى يقول في كتابه: {ادعوني أستجب لكم} (غافر: 60) ونحن ندعو الله منذ وقت طويل فلا يستجيب لنا؟! فقال لهم إبراهيم بن أدهم: يا أهل البصرة، ماتت قلوبكم في عشرة أشياء:
أولها: عرفتم الله، ولم تؤدوا حقه .
الثاني: قرأتم كتاب الله، ولم تعملوا به .
الثالث: ادعيتم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتركتم سنته.
الرابع: ادعيتم عداوة الشيطان، ووافقتموه .
الخامس: قلتم : نحب الجنة، ولم تعملوا لها .
السادس: قلتم : نخاف النار، ورهنتم أنفسكم بها
السابع: قلتم: إن الموت حق، ولم تستعدوا له .
الثامن: اشتغلتم بعيوب إخوانكم، ونبذتم عيوبكم.
التاسع: أكلتم نعمة ربكم، ولم تشكروها .
العاشر: دفنتم موتاكم، ولم تعتبروا بها .
وكان إبراهيم كريمًا جوادًا، فالعسل والسمن غالبًا ما يكونان على مائدته يطعم من يأتيه، سمعه أحد أصحابه ذات مرة وهو يقول: (ذهب السخاء والكرم والجود والمواساة، من لم يواس الناس بماله وطعامه وشرابه فليواسهم ببسط الوجه والخلق الحسن.. إياكم أن تكون أموالكم سببًا في أن تتكبروا على فقرائكم، أو سببًا في أن لا تميلوا إلى ضعفائكم، وألا تبسطوا إلى مساكينكم).
وكان إبراهيم بن أدهم شديد التواضع، لا يحب الكبر، كان يقول: (إياكم والكبر والإعجاب بالأعمال، انظروا إلى من دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، من ذلل نفسه؛ رفعه مولاه، ومن خضع له أعزه،ومن اتقاه وقاه، ومن أطاعه أنجاه) ودخل إبراهيم بن أدهم المعركة مع الشيطان ومع نفسه مصممًا على الانتصار، وسهر الليالي متعبدا ضارعًا باكيًا إلى الله يرجو مغفرته ورحمته، وكان مستجاب الدعاء.
ذات يوم كان في سفينة مع أصحابه، فهاجت الرياح، واضطربت
السفينة، فبكوا، فقال إبراهيم : يا حي حين لا حي، ويا حي قبل كل حي، ويا حي بعد كل حي، يا حي، يا قيوم، يا محسن يا مُجْمل قد أريتنا قدرتك، فأرنا عفوك.. وبدأت السفينة تهدأ، وظل إبراهيم يدعو ربه ويكثر من الدعاء.
وكان أكثر دعائه: (اللهم انقلني من ذل معصيتك إلى عز طاعتك) وكان يقول:
(ما لنا نشكو فقرنا إلى مثلنا ولا نسأل كشفه من ربنا) وقال: (كل سلطان لا يكون عادلاً فهو واللص سواء، وكل عالم لا يكون تقيًّا فهو والذئب سواء، وكل من ذلَّ لغير الله، فهو والكلب سواء) وكان يقول لأصحابه إذا اجتمعوا: (ما على أحدكم إذا أصبح وإذا أمسى أن يقول: اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، واحفظنا بركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت الرجاء).
وكان إبراهيم راضيًا بحالة الزهد القاسية، وظل يكثر من الصوم والصلاة ويعطف على الفقراء والمساكين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى